عندما يأتي المساء (الأمثال بعد ثورة 25 يناير )
محمد سراج سكرتير تحرير جريدة المساء
بطبيعتي لا أحب الصخب وأعشق الهدوء ولا أميل للتجمعات ولكني لست منطويا.. ولا ألبي دعوات التجمهر.. بمعني انه قبل 25 يناير بأيام قيلة وصلتني دعوات علي صفحتي بالفيس بوك من أصدقائي الذين تخطوا الثلاثة آلاف الآن.. تنادي بالثورة من قبل العديد من الكتل والائتلافات المشهورة والحركات والنشطاء وهي جديدة علي مجتمعنا.
رغم ايماني بالتغيير لأنه سُنة الحياة لكني رفضتها جميعا لا لشيء سوي انها طبيعتي ونشأتي ـ رسام بقي ـ وبعد كل مليونية سلمية أسأل من حضروا في الميدان عن الحوارات الجانبية بالذات في سكون الليل وبعيدا عن كاميرات الإعلام.. وما أدهشني هذا الحوار وهو ليس بغريب علي المصريين حتي في الكوارث والثورات وان اختلفوا.. هم ـ أولاد نكتة ـ وبين مجموعة تضم أطياف الشعب المتنوعة ولن أقول المختلفة التي لا تفرقها التيارات ولا الأحزاب ولا حتي الديانات.. لأنهم في النهاية مصريين.
أخبرني صديقي بعد نهار كامل من الهتافات والميكروفونات والمنصات من "سلمية ـ سلمية" حتي "سلفية ـ سلفية" ويتوسطها "احنا الشعب الخط الأحمر".. وغيرها.. أتي الليل ومعه السكون وبح صوتنا وانهكت أجسامنا وجلسنا مجموعة في حوارنا همس.. وبعد الكلام في السياسة ودهاليزها تطرق الحديث عن الأمثال الشعبية التي تغيرت بعد الثورة.. قبل الثورة كانوا بيقولوا اللي يخرج من داره يتقل مقداره.. وبعد الثورة تحولت المقولة إلي: اللي يخرج من داره ماينساش ياخد المفتاح معاه.. ومن هنا بدأ السباق في الأمثلة الشعبية وبمهارة شخص يجيد تغيير دفة الحوار إلي هواه قال: الباب اللي يجيلك منه الريح سده واستريح.. وده كان زمان.. دلوقتي الباب اللي يجيلك منه الريح شيله وركب الوميتال. قال ثاني: اللي ياكل لوحده يزور ـ يرد: اللي ياكل لوحده يشبع.. قال ثالث: اطبخي يا جارية كلف يا سيدي ـ ودلوقتي اطبخي يا جارية الأنبوبة فاضية يا سيدي.. ورد آخر: مسير "الحي" يتلاقي.. قال: مسير "الحي" يتسفلت.. قال رابع فاقد الشيء لا يعطيه ـ رد: فاقد الشيء يدور عليه ـ قال لجاره ع الرصيف: أنا بردان من السقعة والبرد.. رد عليه وأنا رشاد من قنا.. علي قدر أهل العزم تأتي العزائم.. والآن علي قدر أهل المعازيم تأتي الولائم ـ قال آخر: يا قاعدين يكفيكوا شر الجايين.. رد قاله: يا قاعدين والله ما انتوا قايمين.. قال: اللي يخاف من العفريت يطلع له ـ رد: اللي يخاف من العفريت يعمل عبيط.. كان الأول اللي يتلسع من الشوربة ينفخ في الزبادي ودلوقتي اللي يتلسع من الشوربة يتصل بالمطافي.. بيقولك العيار اللي ما يصيبش يدوش.. وفي الثورة العيار اللي ما يصيبش يبقي انضرب من خرطوش.. رد: وبكرة ترجع ريما لعادتها القديمة.. قال له: وبكرة ترجع ريما من عند عمتها في مارينا ـ بيقولهم: يا خبر النهاردة بفلوس بكرة يبقي ببلاش.. قال ده انت قديم أوي: يا خبر بفلوس.. حالا يتحمل ع النت ببلاش.. وقبل قدوم الفجر.. والاستعداد للصلاة صرخ أحدهم في الآخر وقال له: أنا "عبد المأمور".. وهنا رد الأخ الملتزم: هذا قول منبوذ لأننا جميعا نعبد الله ولا نشرك به شيئا.. وتحدث ثوري معزيا زميله قائلاً: "البقية في حياتك" فرد عليه الأخ: مع انك تعلم انه لم يترك له بقية وأخذ نصيبه من الدنيا.. قال تعالي: "فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون".. قال آخر لا تتعب نفسك يا شيخ الواد ده "شكله غلط".. هنا تنهد الأخ وقال: المعصية هنا انك لا تعيب المخلوق فقط ولكن حاشي لله انت تعيب الخالق ـ والعياذ بالله ـ قال تعالي: "لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم".