4 4عاما مرت على مجزرة بحر البقر ومازال الجرح ينزف في قلوب المصريين على
الأطفال التي قتلت براءتهم وهم في مقتبل العمر، زهور فتحت في جناين مصر
ولكنها قطفت مبكرا.تأتي ذكرى مذبحة «بحر البقر» أليمة في كل عام ليتذكر المصريون
بشاعة ما ارتكبه العدوان الإسرائيلي، لكننا في ذكراها 44قررنا العودة
لصفحات التاريخ لنعرف كيف كان المشهد السياسي وقتها وردود الفعل التي صاحبت
تلك الجريمة التي لا تغتفر، والتي ارتكبتها دولة تجيد فن التسلل لأراضي
الغير فتحتلها إن نجحت بأقل الخسائر أو تتجه لقتال أهل تلك الأراضي دون أن
تفرق بينهم سواء كانوا عسكريين أو مدنيين، فقط لا تعرف سوى لغة الدماء التي
تظل علامة مميزة لها منذ نشأتها وحتى اندثارها.
تبدأ فصول
العدوان عندما تقرر دولة الاحتلال الإسرائيلي ذات يوم مباغتة عمال مصريين
خرجوا كعادتهم كل صباح ناحية مصنعهم الذي يقع في منطقة «أبو زعبل»، لكن
طائرات إسرائيلية من طراز «فانتوم» حلقت فوق رؤوسهم لقصف مصنعهم «المدني».
ضربت
الطائرات الإسرائيلية المصنع بقنابل «النابلم» الحارقة بالإضافة لصواريخ
قضت في الثامنة وعشرين دقيقة من صباح 12 فبراير 1970، على أرواح 89 عاملاً.
وخرج
وقتها المتحدث العسكري الإسرائيلي ليعلن: «يبدو أن أحد الطيارين أخطأ
وأصاب هدفًا مدنيًا»، ثم ألقى التهمة على «خلل فني»، فأوضح: «الطائرات
الإسرائيلية ألقت قنابلها خارج الهدف المحدد بسبب خلل فني».
وجاءت
ردود الفعل آنذاك تشجب وتندد وتدين، وقال السفير عصمت عبد المجيد، الذي
كان يشغل منصب المتحدث باسم الجمهورية العربية المتحدة: «ها أنتم ترون أن
المصنع بعيد عن أي معسكرات أو أهداف عسكرية، وبه 2600 عامل كلهم من
المدنيين»، معتبرًا غارة إسرائيل الغاشمة «استمرار خطير في تصعيد إسرائيل
لعملياتها الحربية لتمشل الأهداف المدنية والمدنيين«.
وعلق أحد الدبلوماسيين الإسرائيليين، قائلاً: «منظرنا الآن لا يسر، وسيكون علينا أن نبذل جهدًا كبيرًا لتعويض آثار هذا الخطأ».
ولم
يكد يمر أكثر من شهرين حتى بذلت إسرائيل جهدًا أكبر يعبر عن إجرامها
الوحشي الذي تتقن فنونه ضد أعدائها، فارتكبت أقبح جريمة حيث حلقت بخمس
طائرات «فانتوم» فوق مدرسة بحر البقر الإبتدائية المشتركة، التي تقع بمركز
الحسينية، في محافظة الشرقية، في التاسعة وعشرين دقيقة من صباح الأربعاء،
8 أبريل 1970، لضرب أطفال المدرسة.كانت المدرسة تتكون من دور واحد وتضم ثلاثة فصول وعدد تلاميذهـا 130 طفلاً
أعمارهم تتراوح من 6 أعوام إلى 12 عامًا، لكن الطلاب لم يكن في خاطرهم أنه
سيكون يومهم هذا هو آخر يوم يغلقون فيه «كراريسهم».
قتلت إسرائيل في غارتها 30 طفلاً
ومُدرسًا، كما أصيب 11 شخصًا من العاملين بالمدرسة، ووقتها نشرت صحيفة
«الأهرام« على صدر صفحتها الأولى «العدو يتبجح ويدعي أنه لم يضرب غير مواقع
عسكرية».
وخرج متحدث عسكري
إسرائيلي يؤكد أن الطيارين الإسرائيليين التزموا بـ«الدقة في ضرب الأهداف
العسكرية وحدها»، معلنًا في الوقت نفسه أنهم سيحققون في الأمر.
مات
الأطفال المصريون بـ«دم بارد» بواسطة طائرات قدمتها الولايات المتحدة
الأمريكية لطفلتها المدللة «إسرائيل»، وسارت أمريكا على درب مثل مصري قديم
يقول: «يقتل القتيل ويمشي في جنازته»، حيث وصفت وزارة خارجيتها الهجوم الذي
تسبب في استشهاد تلاميذ مدرسة «بحر البقر» بـ«أنباء مفزعة»، كما أضافت:
«إذا تأكدت هذه الأنباء فإن هذه الحادثة الأليمة تعتبر عاقبة محزنة يؤسف
لها من عواقب عدم الالتزام بقرارات مجلس الأمن الخاصة بوقف إطلاق النار».تقرير السيد عبدالعال