اللجان الشعبية تحرج الأمن بالشرقية بعد تأمينهم لمباراة بورفؤاد

الخميس، 7 فبراير 2013


عندما يأتي المساءأمـي.. نهر العطاء والوفاء

محمد سراج
 سكرتير تحرير جريدة المساء

   
مات أبي ــ رحمه الله ــ وتركني وأمي وأنا رضيع في عامي الأول. وهي في ريعان شبابها في العقد الثالث وخصها "الله" عز وجل بجمال فائق.. رغم ذلك اتخذت عهداً بينها وبين الله أن توهب عمرها لابنها اليتيم وتضحي بشبابها من أجله وبالفعل منحتني كل حياتها.. ورفضت كل عروض الزواج وقالت: أنت زوجي وأبي وأخي وابني بعد أن فقدتهم جميعاً وفارقوا الحياة..
احتضنتني وربتني علي فطرة "الله".. متعها الله سبحانه وتعالي بصفاء القلب ونقاء السريرة فكانت لنساء جيلها نعم الجليس وخير الأنيس.. أذكر قبل دخول المدرسة كانت تأخذني بنفسها إلي "الكُتاب" الذي افتقدناه حالياً وفي المساء كانت تجمعني وأبناء جيلي تحكي لنا الحواديت التي كانت سبباً في توسيع مداركي وخيالي وعشقي للرسم منذ الصغر.
كانت قصصها من القرآن إمتاعا وابداعا.. ارتبطت بها منذ صغري فلم أجد أمامي غيرها ربتني وربت أبناء جيلي وأصدقاء عمري كانوا يحبونها أكثر من أمهاتهم نزلت بعمرها لطفولتنا لتعلو بنا لشأنها علمتني المسئولية منذ الصغر كانت صديقتي وأختي وأمي وأبي وكل شيء في حياتي كانت حبيبتي واختارت لي شريكة حياتي فهي من رشحت لي زوجتي.
علمتني احترام المبادئ والقيم وربتني علي الأخلاق.. وضعت قواعد لبيتي ربتني وأولادي بالحق والعدل والمساواة في كل شيء.. والعطاء لآخر نفس في حياتها حتي انها قاربت الثمانين من عمرها واصرارها علي الصلاة بالمسجد جماعة رغم ضعف قوتها وقلة حيلتها حتي انها كانت تصعد مسجد السيدات حبواً.. مَنْ الله عليها بالشفافية تماماً كما كان يبدو في وجهها.. الساعات القليلة قبل الموت قالت: يارب أنا ضعيفة اجعلها هينة عليّ.
فبحمد الله وفضله لم يصبها أذي قط طيلة الثمانين عاماً ولا مرض كانت تصر علي "لضم الإبرة" بنفسها لتخيط ما تلف وأسنانها كاملة ووجهها كالبدر ونطقت الشهادة بيسر قبل الموت ودخلت القبر صائمة لله. رحمها الله رحمة واسعة وأجزل لها العطاء في جنان الخلد مع الصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقاً.

هناك تعليق واحد:

  1. شكراً للكاتب الصحفى الكبير والزميل الإعلامى السيد عبد العال .. على هذا الإخراج الصحفى الأليكترونى وهذا الجهد الرائع

    ردحذف