اللجان الشعبية تحرج الأمن بالشرقية بعد تأمينهم لمباراة بورفؤاد

الجمعة، 8 فبراير 2013

الحوار الوطنى.. مصر والبحث عن الخروج
لم يمثل رفض ما يسمى بجبهة الإنقاذ لدعوة الحوار التي أعلن عنها الرئيس مرسي أية مفاجأة للمتابعين بل إن الرفض جاء متسقًا مع النهج الذي عُرفت به الجبهة لدى الأغلبية التي باتت ترى أنها مجرد وسيلة جديدة لاستمرار حالة الغليان حتى يتحقق هدف إسقاط حكم الإسلاميين ومن ثم فإن أية دعوة للحوار عمل لا جدوى منه خاصة عندما يستشعر القائمون على هذه الجبهة بأنهم الأقوى من خلال عمليات التخريب التي تشهدها البلاد على يد مجموعات جديدة ليس لدى الأجهزة الأمنية معلومات عنها ومنها "البلاك بلوك".
وكرد فعل على هذا الموقف فقد حرص الكثير من المحللين على أن يصفوا نهج الجبهة بالانتهازية وهو وصف غير دقيق فالانتهازية تعني محاولة استغلال ظرف سياسي بعينه لتحقيق مصالح خاصة وضيقة لكن واقع الأمر فإن الجبهة لم تفعل ذلك فقد كانت هي صانعة الأحداث عبر إشعالها للموقف بإصرارها الغريب على أن ترفع من سقف مطالبها للدرجة التي تسقط معها هيبة الدولة وتتجاوز إرادة الشارع وتعمل على إقصاء طرف سياسي كان وصوله للحكم بمنتهى النزاهة، وهو ما وفر الأرضية المناسبة لتشكيلات فوضوية لممارسة كل ما تريد بلا حساب بل حرصت الجبهة وفي بياناتها المتلاحقة على أن تصف محاولات التدخل الأمني لحماية المنشآت العامة والخاصة وضبط الحالة الأمنية بأنها انتهاكات حقوقية تتشابه مع ما كان يجري في عهد النظام السابق.
كما أكد ذلك حالة الفتور الزائد التي اتسمت بها تصريحات قادة الجبهة الخاصة بإدانة أعمال العنف بل إن بعض ممن يحسبون عليها كانوا أكثر صراحة في تبرير العنف والدفاع عن القائمين به ما كان إشارة واضحة لاعتبار أن مثل هذه السلوكيات هو من فعل النضال الثوري.
الحوار الضرورة
لكن وبعيدًا عن موقف الجبهة فإن المنطق والعقل يفرضان على القائمين على أمر البلاد الاستمرار في الدعوة للحوار حتى لو ظلت بعض الأطراف مصرة على عنادها فالمسألة تتعلق بمصير شعب ووطن بعيدًا عن الانتماءات، ولهذا فإنه ليس مبالغة أن يكون التساؤل حول مصير الحوار هو الأهم الذي يجب أن يسعى الجميع للبحث عن إجابة عنه ذلك لأنه الطريق الوحيد للخروج بمصر من المأزق التاريخي الذي تعيشه والذي اختفت خلاله – بنسب متفاوتة - المصلحة العليا للبلاد في مقابل إعلاء المصالح الضيقة.
كما أن الحوار يعني أن يسعى كل طيف وبشكل جاد إلى طرح رؤيته ومطالبه بلا مواربة أو غموض وبلا مزايدات وهو ما يدفع بالجميع إلى أن يكون صادقًا في التعبير عن تطلعات الجماهير التي وحتى وقت قريب كانت تجد فارقًا كبيرًا بين ما تعلنه القوى السياسية وبين ما ترغب هي في تحقيقه، وهو ما يصب في نهاية الأمر في صالح المواطن الذي مثلت له ثورة يناير حلمًا كان بعيد المنال.
ولهذا الحوار أهمية كبيرة في الكشف عن أقنعة الكثير من القوى التي تتعاطى مع الحوارات باعتبارها أداة لفرض إملاءاتها دون إبداء استعداد لسماع الآخرين وتفهم إطروحاتهم ومن ثم فإن رغبتهم في إفشال الحوار أقوى بكثير من الرغبة في تحقيق التوافق رغم ما يرفعونه من شعارات.
يضاف إلى ذلك أن الحوار سيكون حتمًا دافعًا إلى أن تسعى القوى السياسية المتقاربة في رؤاها لغض الطرف عن خلافاتها الفرعية في محاولة لتحقيق رؤاها وهو ما سيقلل لحد كبير من حالة الاستقطابات النووية –إن جاز التعبير– ما سيكون له أثران مهمان:
الأول: أن تعمل القوى السياسية المنضوية تحت لواء فكرة محددة على التقارب والتنسيق.
الثاني: أن يتبين الجميع حجم وقدرات كل تيار بعيدًا عن ادعاء كل منهم بأنه يعبر عن الشعب ويتحدث باسمه الأمر الذي جعل المشهد فوضويًا لدرجة لم يسبق لها مثيل.
مقومات النجاح
إن استقراء تفاصيل ونتائج جولات الحوار التي شهدتها مصر خلال المرحلة السابقة والتي مني أغلبها بالفشل تشير إلى أن هناك عدة مقومات يجب أن تتوافر لدى المشاركين في الحوار والقائمين عليه حتى يمكن أن يحقق النجاح ومن هذه المقومات:
1- توافر الثقة بين القوى السياسية إذ بات معلومًا أن حالة من فقدان هذه الثقة يسود العلاقات بينها وأن كل منها يتحسب أن الآخر يسعى للاستئثار بكل المواقع وتهميش البقية.
2- تغليب مصلحة الوطن وهو مبدأ غائب عند بعض القوى التي تعاني من انعدام الجماهيرية أو الشعبية ومن ثم فإنها تزايد أحيانًا باعتبار أن ذلك حالة دعائية تؤكد بها وجودها.
3- الدفع بتشكيل كيانات سياسية أو توسيع عملية التنسيق بين المكونات السياسية التي تستند لمرجعية واحدة إذ أسوأ ما يواجه الإسلاميين مثلًا في الحوار مع الليبراليين أنهم مختلفون فيما بينهم وليس لديهم رؤية موحدة.
4- فتح آفاق الحوار مع جميع أطياف الحياة السياسية مع حتمية استبعاد الموالين للنظام السابق وذلك استرضاءً للقوى الثورية التي ترى أن إشراك مثل هؤلاء خيانة للثورة وللشهداء.
5- العمل على أن يكون الحوار بشكل دوري وأن لا تقتصر جلساته على وقت زمني أو قضية بعينها وهو ما يضمن استمرار التواصل وتقريب وجهات النظر وتقليل مساحة المزايدات.
6- أن تعمل كل القوى على أن يكون لديها أجندة واضحة تطرحها وتتفاوض عليها غير أن ذلك يجب أن يكون من منطلق الإيمان بنسبية الحق السياسي وليس امتلاك الحقيقة الكاملة.
7- التزام مبدأ الشفافية في الطرح وبالتالي الابتعاد عن المغالاة والمخالفة التي لا تستهدف إلا المخالفة في ذاتها.
8- التنوع في أساليب الحوار وعدم الاقتصار على أسلوب بعينه فاللقاءات الجماعية لها أهميتها كما أن للقاءات الفردية أهميتها.
9- اتخاذ خطوات فعلية لتحقيق ما يتم التوافق عليه دون الرجوع إلا لأسباب يتم طرحها والنقاش حولها.
11- تفعيل دور المجتمع عبر نقل الإعلام لجلسات الحوار وهو ما يتيح للمجتمع الفرصة في إبداء ملاحظاته على كل ما يطرح.
12- أن يحرص كل طرف من المشاركين على أن يكون ممثليه من العناصر غير الصدامية والتي تتحلى بالمرونة وسعة الأفق.
13- أن تبتعد الأطراف المشاركة عن وضع شروط مسبقة فذلك يتناقض مع المبدأ الأساسي للحوار.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق